- هيفاء الحمدان: الأديب والحرفي يلتقيان في لحظة الوعي الجمالي وصناعة المعنى
- أبطال "إيطاليا غوت تالنت" يضيئون خشبة "الشارقة الدولي للكتاب" بعرض "أصداء الأذرع المتمايلة"
- مترجمون وأدباء: سرّ نجاح الترجمة في نقل روح النص لا كلماته
- كتّاب إماراتيون: الذكاء الاصطناعي لا يستطيع الكتابة بعاطفة الإنسان.. والبيئة الثقافية في الدولة حفّزت الأصوات الشابة
- المايسترو اليمني "محمد القحّوم" يأخذ الجمهور على جناح 22 أغنية لليمن السعيد
هيفاء الحمدان: الأديب والحرفي يلتقيان في لحظة الوعي الجمالي وصناعة المعنى
الشارقة، 16 نوفمبر 2025،
أكدت الأكاديمية والشاعرة السعودية الدكتورة هيفاء الحمدان أن العلاقة بين الحرفة اليدوية والإبداع الأدبي تتجاوز التشابه في الممارسة إلى التماثل في الجوهر، إذ يشترك الحرفيّ والأديب في لحظة الوعي الجمالي والاختيار الدقيق للأدوات والمواد لبناء أثر متقن يعبّر عن رؤيتهما للعالم. وقالت: إن العمل الأدبي لا يختلف عن الحرفة اليدوية إلا في مادته، فالأول يصنع بالكلمة والثاني بالخامة، وكلاهما يحتاج إلى الصبر، والإتقان، والتخطيط المسبق ليصل إلى صورته النهائية.
جاء ذلك خلال جلسة بعنوان “أنامل وورق.. حضور الحرفة اليدوية في الأدب العربي”، ضمن فعاليات معرض الشارقة الدولي للكتاب 2025 الذي تنظمه هيئة الشارقة للكتاب، تحت شعار “بينك وبين الكتاب” في مركز إكسبو الشارقة حتى 16 نوفمبر الجاري، وأدارها الإعلامي محمد الموينع.
وأوضحت الحمدان أن مفهوم “حرفة الأدب” في التراث العربي ارتبط قديماً بدلالات سلبية إذ كان يقال عن الأديب “أدركته حرفة الأدب” إشارة إلى سوء الحظ أو ضيق العيش، لكن الواقع الحديث يعيد الاعتبار لهذا المفهوم بوصفه دلالة إيجابية تعبّر عن الاجتهاد والإتقان والمثابرة في إنتاج العمل الأدبي. وأضافت أن الكاتب يشبه الحرفي الذي يسعى إلى النموذج الأمثل، مستخدماً أجود الأدوات لإتقان صنعته الفكرية والجمالية.
وتطرّقت إلى حضور الحرفة اليدوية في المشهد النقدي السعودي، مشيرة إلى أن النقاد السعوديين استلهموا هذا الإرث اللغوي والفكري في كتاباتهم النقدية، واستخدموا مفردات “الصنعة” و”الإتقان” و”المهارة” في وصف النصوص الأدبية الحديثة. وأكدت الحمدان أن هذا الامتداد التراثي تحوّل في العقود الأخيرة إلى رؤية حضارية إيجابية ترى في الأدب حرفة راقية تُمارس بعقل منفتح وإبداع متجدد، مشيرة إلى أن العمل الأدبي هو في جوهره حرفة فكرية تُبنى على وعي ولغة ومعنى.
وفي حديثها عن الحرفة اليدوية في الثقافة والأدب السعودي، أوضحت الحمدان أن حضورها يتجلّى في مستويات متعددة من الكتابة الإبداعية، سواء في العناوين التي تستلهم مفردات الحرف اليدوية، أو في الصور الشعرية التي توظّف أدوات الحرف كرموز ثقافية، لا سيما في أعمال شعراء الأحساء الذين استلهموا بيئتهم الغنية بالصناعات التقليدية.
وأشارت إلى أن السرد الروائي الحديث بدوره احتفى بالحرفة بوصفها رمزاً للمثابرة وبناء المعنى، مؤكدة أن الحرفة تظلّ حاضرة ما حضر الإبداع، لأنها في جوهرها صناعة معنى تتجسّد في ثقافة نابضة بالحياة في المشهدين السعودي والعربي.
واختتمت الحمدان بالتأكيد على أن استعادة مفهوم الحرفة في الأدب العربي اليوم تعني استعادة قيم الدقة، والإتقان، والجمال، وهي القيم ذاتها التي شكّلت عبر التاريخ روح الحرفيين والمبدعين على حدّ سواء.


